كأي صبيحة وأنا أتصفح الأخبار والمستجدات في هذا الصفيح الساخن من كوكب الأرض وجديد الأقطاب، كانت وقفة مع تدوينة لأحد الأصدقاء والزملاء ان صح التوصيف، تدوينة عن رحلته منذ النشوء فالتطور إلى ما نحن عليه اليوم، رحله ضمن ما أحببنا أن نسميها حينها هكسا كونكشن، فكانت لنا أكثر من وصلة وصلة.
تيمنا بما كتب، وحبا للكتابة قررت افراد بعض التدوينات على هذه السنوات الست، كوسيلة لأرشفة بعض الأحداث المهمة بتاريخنا، وسبيل لمشاركة بعض الدروس، الأخطاء والكثير منها، فست سنوات من عمر الإنسانية ليست بالشيء الكبير لكن من عمر الإنسان فهي عظيمة، فشكرا وسام على تقديم حافز أخر للكتابة.
للاطلاع على تدوينة وسام *المضطهد* اضغط هنا.
الانسان بطبيعته كائن سببي، يبحث دائما عن الأسباب والمسببات، متسائلا علاش، ليش، لماذا؟ فكانت هو السؤال المشترك بين جميع من قابلنا بليبيا وخارجها لماذا هكسا كونكشن؟ لماذا مجتمع هكسا؟ الاجابة قد تختلف من عضو لأخر لكنها جميعا تشترك في قاعدة تحليلية صلبة تكمن في غياب الليبيين عن ساحة التكنولوجيا، غيابهم عن مواكبة التقدم التكنولوجي وأدواته المختلفة، عن عالم الروبوت، البرمجة، غياب يجعلنا لا في أخر الركب بل خارجه؛ فكان الهدف هو صهر التكنولوجيا مع الثقافة العامة بالمجتمع الليبي، تكوين المجتمعات الصغرى لاحتضان هواتها، العمل على صقلهم، لنصل جميعا للمجتمع الذي نطمح ويكون شعارنا تكنولوجيا لمجتمع أفضل.
كمهوسين -إلى حد ما- بالتكنولوجيا، كنا نعاني كثيرا عندما يتم التقليل بأهميتها وأهمية تخصصنا الدراسي حينها، حيث كان قسم هندسة الحاسب بجامعة طرابلس هو الحاضنة الأساسية وبمعاناتنا به كانت هكسا كونكشن، حيث كانت الفكرة حينها تنظيم حدث تعريفي بالقسم وتخصصاته، عن مجالات العمل ودعوة الشركات ذات الاختصاص كنوع من توفير فرص عمل لطلبة القسم، فكانت اللقاءات، وكان الاشكال ذاته، فمع الأحادية الشمولية التي كان ينهجها اتحاد طلبة الكلية حنها بدأنا في البحث عن مظلة أكثر استقلالا لاحتضان هذا المشروع، المشروع الذي بدأ بفكرة بسيطة لخدمة القسم وطلبته ليصل بنا اليوم لليبيا ومواطنيها، فكانت هكسا كونشكن الفكرة والمخطط واضحه -كما اعتقدنا حينها- بعد لقاء طويل أحببنا تسميته اجتماع كازا أو كما سماه أحدنا بصباح اسكالوب الضيافة، بمدينة طرابلس بمقهى كازا بميدان الساعة من يوم 23 أكتوبر 2013.
الحديث عن التكنولوجيا وما يمكن أن تقدمه لنا من حلول لشتى القضايا التي نواجهها كان نوع من الرفاهية، كأنك تتحدث عن امتلاك قناطير من الذهب في وسط مجتمع صحراء معزول يعاني من شح المياه، فالجزء الثاني من الحرب الأهلية الليبية كان على وشك البدء والجميع مترقب للمرحلة القادمة، فلا تحدثني عن التكنولوجيا فقائمة الأولويات -للأسف- دائما أحادية هنا. إلا أننا أمنا حينها أن للتكنولوجيا حلولا بخسه على المدى الطويل، سهلة التوظيف والتطبيق وقابلة للتوسع بسهولة، شفافة قابلة للقياس وستساهم بشكل كبير في تقدم هذه الأرض وأهلها، وهذا ما كان دافعنا دائما.
فكان الحسناوي بالمقدمة وأنا على يمينه فالزرقاني، داعين زملاءنا ومن اعتقدنا أنهم قد يهتمون بهذه القضية، قضية القسم أولا ومن ثم توطين التكنولوجيا، فلبت لمياء، علي، أيمن، المحجوبي وأخرين النداء، وبعد معركة ومعارك مع البيروقراطية كانت هكسا كونكشن مسجلة رسميا كمنظمة غير هادفة للربح بيوم 19 مارس 2014 تحت اسم منظمة مجتمع هكسا للتكنولوجيا ولاحقا على ما هي عليه اليوم بنسخة 2016، للتنمية التكنولوجية.
بإحدى معاركنا مع الهيئة المختصة بإشهار مؤسسات المجتمع المدني، كان الاسم عائقا، لماذا هكسا؟ فلا مكان للتسميات غير العربية هنا والليبية -إلى حد ما- هنا، فما كان لنا اقناع صاحب القرار الأعلى هنا بأن هكسا ليست بعيدة عن ليبيا، فهكسا من هكسا ديسميل التي كان منها النظام الرقمي الذي نستخدمه في المراحل الوسطية بالكمبيوتر ليسهل علينا التعامل مع لغة الآلة بأصفارها وأحادها، لكون نحن الوسيط بين ما يعتقده العوام تعقيدا -التكنولوجيا- والمجتمع.
حينها كان مصطلح ريادة الأعمال جديدا على المجتمع الليبي -ولست بعنهم بمخالف- غريبا، فضفاضا صعب الشرح، إلا أنه كان من أهم محاور عملنا، انطلاقا من فكرة بعد أن تعلمني صيد السمك، ماذا عليا أن أفعل؟ فكان تسريع إطلاق الشركات الناشئة هدفا برواد أعمال يستطعون شق طريقهم بأقل الموارد وبمنحنى نمو عال، ليتمكنوا بعد اكتساب المعرفة والمهارات أن يوظفوها لصالح استقلالهم بعيدا عن اسطورة التعين والعمل الحكومي.
التكنولوجيا، الابتكار وريادة الأعمال، وغيرها مما يندرج تحت توظيف هذه المحاور كانت عنوان لست سنوات مليئة بالعمل، بالحروب، النجاح والإحباط، الجديد والكثير منه، لنصنع بهكسا كونكشن المشهد، المجتمع ومجتمعات بداخله، أمنت بالفكرة وانطلقت أفقيا بهذه الأرض حاملة رؤيتنا المشتركة -وان اختلفت الكلمات- ساعية لتسخير التكنولوجيا لمجتمع أفضل.
ست سنوات مرت، عشرات الأعضاء، المتطوعين، المشاريع وما يزيد عن 50 ألف مستفيدا.
شكرا جميعا لكونكم كنتم جزء من هذا الإنجاز.
هكسا كونكشن – تكنولوجيا لمجتمع أفضل.
مرة للأبد
أمجد بدر-