في عقدنا هذا، تعاني شعوب المنطقة العديد من الأزمات الاجتماعية ذات المنطلق السياسي الاقتصادي والتاريخي في بعض الأحيان، معاناة اشتدة خاصة بعد تعثر تجربة التحول الديمقراطي بعد ما سمي اصطلاحا بالربيع العربي بنسخته الأولى لعام 2011، تلك الانتفاضات غدتها أمال وطموحات عملاقة، انطلاقا من الحرية إلى العدالة الاجتماعية وحالة اقتصادية أكثر رخاء، فكان ولازال الشباب هم وقود هذه الانتفاضات ومحركا رئيسا لها لا لشيء سوى حاضر ومستقبل أفضل.
تعثر عذا التحول والتغير وكم الانتكاسات التي أدت لاعادة زراعة حكم شمولي – نجح جلها – في المنطقة، ساهمة في تعقيد المشهد الاقتصادي، ليُحد سقف طموحات الشباب على الصعيدين المجتمعي الواسع والفرداني الضيق، فلا حراك سياسي مسموح، مع قيود عديدة على حرية التعبير من جهة وعجلة اقتصادية سُرقت وفتت من جهة أخرى، ليعزز كل هذا حس لا الانتماء والرغبة في الهجرة والبحث عن ملاذ عن بيئة، عن انجازات تعيد الثقة للنفس.
الهاكاثون
كمتابع للمشهد التكنولوجي بالعالم، دائما ما كانت التحديات والمنافسة تستقطب اهتمامي وعلى رأسها ما اصطلح على تسميته بالهاكثون الذي احببنا تعريفه على أنه مارثون الهاكنج وايجاد الحلول، فيجمتع المعنييون بتطوير البرمجيات من مرمجين ومصممين ومدراء مشاريع وخبراء وغيرهم للعمل معنا بشكل مكثف بمدة زمنية قصيرة، لابتكار وانجاز حلول تكنولوجية فعالة لحل التحدي المعلن.
عشرات المشاركين، ساعات معدودة لا تتجاوز 72 ساعة في اقصى تقدير، تحديات ليست بالهينة والهدف توظيف التكنولوجيا لخدمة الإنسانية.
طيلة فترة عملنا بهكسا كونشكن للسنوات الست الماضة، كان للشباب والنشيء جزء أساسيا من تركيزنا ومشاريع المنظمة، من بناء قدراتهم التكنولوجيا ودعمهم لتكوين مجتمعاتهم المعرفية إلى اعادة الثقة في امكانية الانجاز وتحقيق الأهداف، الثقة التي سلبت منه وشخصيته، فكان للهاكثون هدف أخر بالنسبة لنا بعيدا عن الحلو المبتكرة التي سعينا إليها.
بكلتا النسختين حققنا الهدفين، فكان التحدي، تنافس المشاركون وابهروا الجميع برجاحة الأفكار واحترافية التنفيذ، وكان لهم ما لهم من جوائز، وكان لنا ما لنا، بخلق البيئة التي يتمناها الجميع، اعطاء المساحة للتفكير، التعبير ومشاركة الأراء، الدفاع عنها وانجازها، انجازها لأنفسهم أولا ثم لمن حولهم، فيتحسسوا انجازهم هذا وإن على مستوى المايكرو، لتغدي ثقتهم بقدراتهم، بأنفسهم، بماكنيتهم انجاز ما يطمحون عليه وإن على مستويات أعلى، لينطلقوا من بعد مشاركتهم هذه مكتشفين جزء جديدا من ذاتهم.
بعيدا عن الإنشاء والكلمات المعسولة، كانت تجربة تنفيذ الهاكثون بنستخيه الأولى بطرابلس والثانية ببنغازي سنة 2018 أحدى أهم المشاريع التي كنت على رأسها بهكسا كونكشن، وأزداد فخرا يوما بعد الأخر بما حققنا، عندما تصلني أخبار المشاركين وما حققوه انطلاقا من هنا؛ فالشكر لكل الشركاء الذين ساهموا معنا في جعل هذا حقيقة، لمسؤولي المشروع بكل من طرابلس وبنغازي، محمد النطاح ووسام سالم على التوالي وفرق المتطوعين وأعضاء هكسا كونكشن.
للمهتمين بتنظيم أحداث مشابهة، بمدنهم أو الساعين لايجاد حلول مبتكرة بواسطة التكنولوجيا للقضايا التي تواجهنا اليوم، لا تترددوا في التواصل معي للنصح والارشاد، ونعم معنا لتوظيف التكنولوجيا لمجتمع أفضل.
هذه التدوينة أتت ضمن سلسلة أحاول بها الوقوف على مراحل مهمة بعملنا بمنظمة مجتمع هكسا – هكسا كونكشن، بمناسبة عيدها السادس.
هكسا كونكشن – تكنولوجيا لمجتمع أفضل.
أب.