في التدوين – عادة – أتجه لأكثر من طريقة، فبعض الأحيان أقوم بكتابة النص وبعد قراءته أختار العنوان الأنسب، وفي أحيان أضع العنوان، واستلهم منه النص، العنوان هنا ليس بالهين، فبعد ما اخترته قضيت برهة وأنا أتأمل باحثا عن سبيل للدخول في هذا الحقل الشائك.
هكسا كونكشن كغيرها من المنظمات غير الهادفة للربح، أتت نتاج التحول الديمقراطي بليبيا بعد ربيعها، تحول أفرد المساحة للعمل المدني، بأفاق جديدة وسبل أكثر انفتاحا، ليكون توفير التمويل دائما عائقا، والاستدامة معيارا والشراكات ضرورة، في دولة تعاني أزمة تخطيط وأولويات، يصنفها دخلها السنوي في خانات لا تمت لها بصلة، فينحصر التمويل ويوجه حسب ما تراه الدول المانحة وتلك التصنيفات.
عند تأصيل فكرة هكسا كونكشن ونظريتها للتغير، نجد أنا التكنولوجيا هي الوسيلة، والقضية تتمثل في الاقتصاد والتعليم، فكان برنامج الاقتصاد المعرفي وريادة الأعمال من جهة وبرنامج التعليم والابتكار من جهة أخرى عمودا أساس، فكيف لكم من الشغوفين بإيجاد التمويل لمشاريعهم في قائمة أولويات دائما ما كان دعم التحول الديمقراطي، حقوق المرأة ثم بناء السلام وقضايا الهجرة على قمتها!
الحقيقة لم أستطع إيجاد كلمات أقل فخامة هنا لوصف ما كان، فحاولنا طيلة تلك الفترة مقاومة كافة المغريات والتركيز على أهدافنا، وأن لا ننجر ونكون كالبعض الباحث عن التمويل لغرض التمويل، فكانا كما أحببت أن أكرر دائما، منظمة تقاد برؤية لا بأولويات المانحين، الأمر الذي لم يكن سهلا البثه، والذي كلفنا الساعات من البحث والدراسة، اللقاءات والاجتماعات لإقناع المانحين بنظريتنا في التغير، بأولوياتنا وما نراه الأنسب والمستقبل.
ولكن كالعادة، كيف لك أن تطلب من الناس شراء الكرواسو وهم لم يستطيعوا إيجاد الخبز، فالتكنولوجيا هنا رفاهية في مجتمع لا يملك مقومات الاتصالات ولا حتى الكهرباء
– ARE YOU KIDDING US AMJAD, TECHNOLOGY AND LIBYA?!
مع كل الرفض والاستهانة التي قوبلنا بها طيلة سنينا الأربع الأولى، أنا سعيد جدا اليوم عندما أشاهد الجهات المانحة الدولية تقوم بتنفيذ مشاريعنا التي اقترحناها عليهم يوما، عن يقينهم مؤخرا بأن التكنولوجيا حل، أن الاشكال في ليبيا أساسه اقتصادي معرفي، أننا يجب أن نعمل جميعا على إيجاد الحل للمشاكل الجذر لا الاكتفاء فقط بإزالة الأوراق المصابة.
مع كل ذاك الرفض، ما كان لنا إلى التوجه لأصدقائنا الذين أمنوا بالفكرة منذ نشأتها، وطلب مساعدتهم كل حسب امكانياته، ليكون القطاع الخاص ومن ثم شركات الاتصالات الحكومية – ليبيانا حصرا – رافدا أساسيا لاستمرار مشاريع هكسا كونكشن وسببا في استدامتها، استدامة لم تقتصر على المنح الدولية والرعاية المحلية، فكانت لنا تجربة بتقديم الخدمات التي يتقنها الأعضاء للجمهور العام، من تطوير البرمجيات والاستشارات كسبيل لتغطية مصاريف المنظمة المختلفة.
استراتيجيات متنوعة، شركات محلية ودولية بنيناها على الثقة وتوجناها بالإنجاز والاحترافية، ليكون اسم المنظمة وحده مفتاحا لكافة أعضاءها واضعتهم تحت الأضواء أينما حلو، فالشكر هنا لخليفة الشارف، للقيمة المضافة التي أتى بها للمنظمة كمطور للأعمال ومدير للبرامج، لنتمكن معا من صناعة هذا الكم من الإنجازات، ليكون السؤال ذاته مستمرا ما السبيل للاستدامة، هل هو التمويل أم النفس الطويل؟ أم شؤون أخرى قد نخصص لها تدوينة منفردة لاحقا؟
هذه التدوينة أتت ضمن سلسلة أحاول بها الوقوف على مراحل مهمة بعملنا بمنظمة مجتمع هكسا – هكسا كونكشن، بمناسبة عيدها السادس.
هكسا كونكشن – تكنولوجيا لمجتمع أفضل.
أب.